علامات تدل على أن الوقت قد حان لترك وظيفتك

علامات تدل على أن الوقت قد حان لترك وظيفتك
في مسيرة كل مهني، تأتي لحظات من الشك والتساؤل. من الطبيعي تماماً أن تمر بأيام سيئة في العمل، أو أن تشعر بالضغط أو الإرهاق المؤقت. لكن كيف تميز بين مجرد "يوم سيء" وبين حقيقة أن وظيفتك الحالية لم تعد المكان المناسب لك؟
جدول المحتويات

إن التغاضي عن الإشارات التحذيرية الواضحة يمكن أن يكلفك غالياً، ليس فقط على مستوى طموحك المهني، بل على مستوى صحتك النفسية والجسدية أيضاً. اتخاذ قرار بترك الوظيفة هو أحد أكبر القرارات في حياة أي شخص، ويتطلب شجاعة وتفكيراً عميقاً. إذا كنت تجد نفسك في هذه الحيرة، فهذا الدليل من هون جاب مصمم ليكون مرآتك الصادقة. سنستعرض معاً أهم علامات تدل على أن الوقت قد حان لترك وظيفتك، ليس لدفعك نحو قرار متسرع، بل لتزويدك بالوضوح والبصيرة اللازمين لتقييم وضعك بموضوعية، واتخاذ الخطوة التالية في مسيرتك المهنية بثقة وحكمة.

انعدام النمو والتطور المهني

أحد الأسباب الأكثر جوهرية لترك الوظيفة هو الشعور بأنك قد توقفت عن النمو. الإنسان بطبيعته يسعى للتطور والتعلم، وعندما تجد نفسك في وظيفة لا تقدم لك أي تحديات جديدة، أو لا تتعلم فيها أي مهارات ذات قيمة، فإنك تدخل في مرحلة خطيرة من الركود المهني. قد تكون مرتاحاً في “منطقة راحتك”، ولكن هذه المنطقة تتحول مع مرور الوقت إلى قفص يحد من إمكانياتك ويقلل من قيمتك في سوق العمل. اسأل نفسك بصدق: متى كانت آخر مرة كلفت فيها بمشروع صعب أخرج أفضل ما فيك؟ متى كانت آخر مرة اكتسبت فيها مهارة جديدة يمكنك إضافتها بفخر إلى سيرتك الذاتية؟ إذا كانت إجاباتك غامضة أو تعود إلى زمن بعيد، فهذه علامة حمراء كبيرة. إن الوظيفة الجيدة لا توفر لك راتباً فحسب، بل توفر لك أيضاً منصة للنمو المستمر. إنها تدفعك لتكون أفضل نسخة من نفسك مهنياً. الشعور بأنك تؤدي نفس المهام بنفس الطريقة يوماً بعد يوم دون أي أفق للتطور هو مؤشر قوي على أن روحك المهنية بدأت بالذبول في هذا المكان.

إن خطر الركود المهني لا يقتصر فقط على الشعور بالملل، بل له عواقب وخيمة على مستقبلك. في عالم يتغير بسرعة، المهارات التي لا يتم صقلها وتحديثها تصبح قديمة. بقاؤك في وظيفة لا تستثمر في تطويرك يعني أنك تخاطر بأن تصبح غير ذي صلة بسوق العمل المستقبلي. عندما تقرر في النهاية البحث عن فرصة جديدة، قد تكتشف أنك متأخر كثيراً عن أقرانك الذين عملوا في بيئات أكثر ديناميكية وتحفيزاً. لذلك، يجب أن تنظر إلى وظيفتك على أنها شراكة استثمارية. أنت تستثمر وقتك وجهدك، والشركة يجب أن تستثمر في تطويرك. إذا كان هذا الاستثمار من طرف واحد فقط، فقد حان الوقت لإعادة تقييم هذه الشراكة. إن متابعة منصات مثل موقع التوظيف في العراق هون جاب يمكن أن تمنحك فكرة واضحة عن المهارات الجديدة التي يطلبها السوق، ومقارنتها بما تتعلمه في وظيفتك الحالية قد يكون بمثابة جرس إنذار يدفعك للبحث عن بيئة تقدر النمو والتطور بقدر ما تقدر الإنتاجية.

التأثير السلبي على صحتك الجسدية والنفسية

لا يوجد راتب أو منصب في العالم يستحق أن تضحي بصحتك من أجله. هذه حقيقة مطلقة يجب أن تكون بوصلتك دائماً. إذا بدأت تلاحظ أن وظيفتك تؤثر سلباً على صحتك، فهذه ليست مجرد علامة، بل هي إنذار خطر يجب أن تأخذه على محمل الجد. التأثيرات الجسدية قد تكون واضحة، مثل الصداع المستمر، أو آلام المعدة، أو الأرق المزمن، أو الشعور بالإرهاق الدائم حتى بعد عطلة نهاية الأسبوع. هذه ليست مجرد أعراض عابرة، بل هي طريقة جسدك في إخبارك بأن مستوى التوتر الذي تتعرض له قد تجاوز حده الصحي. قد تجد نفسك تلجأ إلى عادات غير صحية للتعامل مع هذا الضغط، مثل الإفراط في الأكل أو التدخين. هذه كلها مؤشرات على أن بيئة عملك تستنزفك جسدياً بطريقة غير مستدامة. إن تجاهل هذه الأعراض قد يؤدي إلى مشاكل صحية أكثر خطورة على المدى الطويل.

التأثير النفسي قد يكون أكثر خطورة وصعوبة في التحديد. هل تشعر بالقلق أو التوتر معظم أيام الأسبوع؟ هل أصبحت سريع الانفعال وتفقد أعصابك بسهولة مع عائلتك وأصدقائك؟ هل فقدت الاهتمام بالهوايات والأنشطة التي كنت تستمتع بها في السابق؟ هل تشعر بانعدام القيمة أو أنك محاصر؟ هذه كلها أعراض كلاسيكية للإرهاق الوظيفي (Burnout) أو حتى الاكتئاب المرتبط بالعمل. عندما تبدأ وظيفتك في سرقة سعادتك خارج ساعات العمل، وتؤثر على علاقاتك الشخصية، وتجعلك تشعر بأنك نسخة باهتة من نفسك، فهذا يعني أن الخطوط الحمراء قد تم تجاوزها. إذا وجدت نفسك في هذه الحالة، فمن الضروري أن تبدأ بالتفكير في خطة للخروج. يمكنك الاستفادة من النصائح العملية في مقالنا الشامل ماذا أفعل إذا كنت أكره وظيفتي الحالية كخطوة أولى لفهم مشاعرك ووضع خطة عمل منطقية. تذكر، صحتك هي أثمن أصولك، وحمايتها يجب أن تكون أولويتك القصوى.

تعارض قيمك الشخصية مع ثقافة الشركة

قد تكون وظيفتك مثيرة للاهتمام، وراتبك جيد، وزملاؤك لطفاء، ولكنك مع ذلك تشعر بعدم راحة عميق، وكأنك ترتدي ملابس لا تناسب مقاسك. هذا الشعور غالباً ما ينبع من “تعارض القيم”. قيمك الشخصية هي المبادئ الأساسية التي تؤمن بها وتوجه سلوكك، مثل الصدق، والنزاهة، والتعاون، واحترام الآخرين. ثقافة الشركة هي “الطريقة التي تنجز بها الأمور هنا”، وهي تعكس القيم الجماعية للمؤسسة. عندما يكون هناك تعارض صارخ بين قيمك وقيم الشركة، فإنك تعيش حالة مستمرة من الصراع الداخلي. على سبيل المثال، إذا كنت شخصاً يقدر الشفافية والصدق، ولكنك تجد أن شركتك تشجع على إخفاء المعلومات أو تضليل العملاء، فستشعر بأنك تساوم على مبادئك كل يوم. أو إذا كنت تؤمن بأهمية العمل الجماعي ودعم الزملاء، ولكنك تجد نفسك في بيئة عمل قائمة على المنافسة الشرسة و”طعن الزملاء في الظهر”، فستشعر بالعزلة والاستياء.

إن العمل في بيئة تتعارض مع قيمك الأساسية هو أمر مرهق للغاية على المستوى النفسي. إنه يجبرك على أن تكون شخصاً آخر غير حقيقتك لمدة ثماني ساعات يومياً، وهذا استنزاف هائل للطاقة. قد تتمكن من تحمل هذا الوضع لفترة قصيرة، ولكن على المدى الطويل، سيؤدي حتماً إلى فقدان الشغف والشعور بالانفصال عن عملك. لتحديد ما إذا كان هناك تعارض في القيم، اسأل نفسك: هل أنا فخور بالعمل الذي أقوم به وبالطريقة التي نقوم بها به؟ هل أحترم القرارات التي تتخذها الإدارة العليا؟ هل الطريقة التي نعامل بها العملاء والموظفين تتوافق مع ما أؤمن به؟ إذا كانت إجاباتك تميل نحو “لا”، فهذه علامة قوية على أنك في المكان الخطأ. البحث عن وظيفة في شركة تتشارك معك نفس القيم، حتى لو كانت في مدينة أخرى مثل البحث عن وظائف في أربيل التي تتميز ببيئة عمل متنوعة، يمكن أن يكون له تأثير تحويلي على رضاك الوظيفي وحياتك بشكل عام.

الشعور بالرهبة يوم الأحد والملل المزمن

هناك فرق كبير بين الشعور ببعض الكآبة لانتهاء عطلة نهاية الأسبوع، وبين الشعور بـ “رهبة حقيقية” وقلق متصاعد مع اقتراب مساء يوم السبت وبداية أسبوع جديد. هذا ما يُعرف بـ “رهبة يوم الأحد” (Sunday Scaries). إذا كنت تجد أن عطلتك بأكملها تفسد بسبب التفكير في العودة إلى العمل، وإذا كنت تقضي ساعات في القلق بشأن المهام والاجتماعات والأشخاص الذين ستواجههم، فهذه علامة واضحة على أن وظيفتك تسبب لك ضغطاً نفسياً كبيراً. هذا الشعور ليس طبيعياً ولا يجب تجاهله. إنه مؤشر على أن عقلك الباطن يربط بين عملك وبين مشاعر سلبية قوية مثل الخوف، أو عدم الكفاءة، أو الاستياء. إنه يحاول أن يخبرك بأنك لا تتجه إلى مكان تشعر فيه بالأمان أو التقدير. تجاهل هذه الرهبة الأسبوعية يمكن أن يتطور إلى مشاكل قلق مزمنة تؤثر على كل جوانب حياتك.

على الجانب الآخر من الطيف، هناك “الملل المزمن”. قد لا تكون وظيفتك مرهقة أو سامة، ولكنها ببساطة مملة إلى حد الموت. أنت تنجز مهامك بسهولة، ولا يوجد أي تحدٍ يذكر، وتشعر بأن عقلك قد دخل في حالة من السبات. قد تجد نفسك تقضي ساعات في تصفح الإنترنت، أو عد الدقائق حتى نهاية الدوام. هذا النوع من الملل يختلف عن الهدوء المؤقت بين المشاريع؛ إنه حالة دائمة من عدم الانخراط الذهني. الملل المزمن خطير لأنه يقتل إبداعك، ويقلل من دافعيتك، ويجعلك تشعر بأنك لا تضيف أي قيمة حقيقية. إنه يسرق منك الشعور بالإنجاز الذي يعتبر عنصراً أساسياً للرضا الوظيفي. إذا كانت وظيفتك لا تثير فضولك، ولا تحفزك على التفكير، ولا تجعلك تشعر بأنك تستخدم قدراتك، فقد حان الوقت للبحث عن دور آخر يشعل شرارة التحدي والشغف في داخلك من جديد.

علامات تدل على أن الوقت قد حان لترك وظيفتك

بيئة العمل أصبحت سامة وغير محترمة

إن بيئة العمل السامة هي كالرمال المتحركة، كلما بقيت فيها أكثر، كلما سحبتك إلى الأسفل وأصبح الخروج منها أصعب. البيئة السامة ليست مجرد مكان عمل به بعض المشاكل، بل هي مكان تسود فيه السلوكيات السلبية بشكل منهجي. من أبرز علاماتها “النميمة المستمرة” و “السياسات المكتبية المعقدة”، حيث يتم قضاء وقت وطاقة كبيرة في التحالفات والمؤامرات بدلاً من العمل المنتج. علامة أخرى هي “التنمر أو عدم الاحترام”، سواء من قبل المديرين أو الزملاء. هذا يشمل التقليل من شأن أفكارك، أو الصراخ، أو توجيه النقد بشكل جارح وغير بناء، أو الاستبعاد المتعمد من المحادثات والمشاريع. “انعدام الثقة” هو سمة أساسية أخرى، حيث يتم مراقبة كل خطوة تقوم بها، ويتم التشكيك في نواياك، ولا يتم تفويض أي مسؤوليات حقيقية لك. “المحسوبية والتمييز” أيضاً من السمات القاتلة، حيث تتم مكافأة الأشخاص بناءً على ولائهم الشخصي للمدير بدلاً من كفاءتهم وأدائهم.

إن البقاء في بيئة عمل سامة له عواقب مدمرة على ثقتك بنفسك وصحتك النفسية. إنها تجعلك تشك في قدراتك، وتشعرك بالقلق الدائم، وتقتل أي شعور بالانتماء أو الولاء للشركة. الخطأ الأكبر الذي يمكن أن ترتكبه هو أن تعتقد أنه يمكنك “تغيير” هذه الثقافة بنفسك. الثقافة السامة غالباً ما تكون متجذرة في قمة الهرم الإداري، ومحاولة إصلاحها من موقعك كموظف هي معركة خاسرة ستستنزف طاقتك وتتركك محبطاً. في مثل هذه الحالات، فإن القرار الأكثر حكمة وصحة هو “الهروب”. ابدأ في وضع خطة للخروج في أسرع وقت ممكن. قم بتحديث سيرتك الذاتية، وابدأ في بناء شبكة علاقاتك خارج الشركة، وركز على إيجاد مكان جديد يقدر الاحترام المتبادل والتعاون. حياتك المهنية قصيرة جداً لتقضيها في مكان يسرق منك طاقتك الإيجابية ويجعلك تشعر بالسوء تجاه نفسك.

انعدام التقدير المادي والمعنوي

يشعر الإنسان بحاجته الفطرية للتقدير، وعندما تبذل قصارى جهدك في عملك، فمن الطبيعي أن تتوقع أن يتم تقدير هذه الجهود. هذا التقدير يأتي في شكلين رئيسيين، وكلاهما مهم بنفس القدر: التقدير المادي والتقدير المعنوي. “التقدير المادي” هو أبسط وأوضح أشكال التقدير، ويتمثل في الحصول على راتب عادل ومنافس، وزيادات سنوية منتظمة، ومكافآت مرتبطة بالأداء. إذا كنت تشعر أن راتبك أقل بكثير من متوسط السوق، أو إذا لم تحصل على زيادة لسنوات على الرغم من زيادة مسؤولياتك وإنجازاتك، فهذه علامة واضحة على أن الشركة لا تقدر مساهمتك المالية بشكل كافٍ. في هذه الحالة، يجب أن تبدأ بالتفكير في التحرك. أول خطوة هي أن تحضر قضيتك بشكل جيد، كما شرحنا بالتفصيل في مقالنا أفضل الطرق لطلب زيادة في الراتب من مديرك. قم بجمع الأدلة على إنجازاتك وقدم طلبك بشكل احترافي.

“التقدير المعنوي” قد يكون أكثر أهمية في بعض الأحيان من المال. إنه يتمثل في كلمة “شكراً” صادقة من مديرك، أو إشادة بعملك أمام الفريق، أو إعطائك فرصة لقيادة مشروع جديد كدليل على الثقة. عندما تجد أن عملك الجيد يمر دون أن يلاحظه أحد، أو الأسوأ من ذلك، أن الفضل في إنجازاتك ينسب إلى شخص آخر، فإن ذلك يقتل الدافعية ويشعرك بأنك مجرد رقم غير مرئي في آلة كبيرة. انعدام التقدير المعنوي يرسل رسالة مفادها: “أنت لست مهماً، ويمكن استبدالك بسهولة”. هذا الشعور مدمر للروح المعنوية ويجعل من الصعب جداً الاستمرار في تقديم أفضل ما لديك. إذا كنت في بيئة عمل تفتقر إلى كلا النوعين من التقدير، فاعلم أن هذه البيئة لن تساعدك على النمو أو الشعور بالرضا. هناك العديد من الشركات التي تبحث عن مواهب مثلك وتقدر أهمية بناء ثقافة التقدير، وقد تجد فرصاً أفضل في أسواق أكثر ديناميكية مثل وظائف في بغداد.

فقدان الشغف والهدف من عملك

هناك علامة خفية ولكنها عميقة جداً تدل على أن الوقت قد حان للتغيير، وهي “فقدان الشعور بالهدف”. قد تكون تؤدي عملك بشكل جيد، وراتبك مقبول، وبيئة العمل ليست سيئة، ولكنك عندما تسأل نفسك في الصباح “لماذا أفعل هذا؟”، لا تجد إجابة مقنعة. لقد فقدت الاتصال بالـ “لماذا” وراء عملك. الشغف الذي كان لديك في البداية قد خبا، وأصبح العمل مجرد سلسلة من المهام التي تؤديها بشكل آلي للحصول على راتب في نهاية الشهر. هذا الشعور يختلف عن الملل؛ فالملل هو غياب التحدي، أما فقدان الهدف فهو غياب المعنى. عندما لا تشعر بأن عملك يساهم في شيء أكبر منك، أو أنه يحدث فرقاً إيجابياً (حتى لو كان صغيراً)، أو أنه يتماشى مع ما يهمك حقاً في الحياة، فإنك تبدأ في الشعور بفراغ داخلي كبير.

إن العمل الذي يفتقر إلى الهدف هو عمل غير مستدام على المدى الطويل. إنه يستنزف طاقتك الروحية ويجعلك تشعر بأنك تضيع أثمن ما تملك، وهو وقتك وحياتك. إذا كنت تشعر بهذه الطريقة، فقد تكون هذه دعوة لإعادة تقييم شاملة لمسيرتك المهنية. ربما لا تحتاج فقط إلى وظيفة جديدة، بل إلى “مجال عمل” جديد تماماً. ابدأ في التفكير في الأنشطة التي تثير حماسك خارج العمل. ما هي القضايا التي تهتم بها؟ ما هي المواضيع التي تستمتع بالقراءة والتعلم عنها؟ قد تكون هذه هي المؤشرات التي تقودك إلى مسارك المهني الحقيقي. قد يتطلب هذا التغيير شجاعة، وربما العودة إلى الدراسة أو البدء من الصفر في مجال جديد، ولكنه استثمار في سعادتك ورضاك على المدى الطويل. الحياة أقصر من أن تقضيها في عمل لا يلامس روحك ولا يمنحك شعوراً بأنك جزء من شيء ذي معنى.

الشعور بأن مهاراتك أصبحت قديمة وغير مستخدمة

في اقتصاد المعرفة اليوم، تعتبر مهاراتك هي عملتك المهنية. وقيمتها تزيد بالاستخدام والصقل، وتنقص بالإهمال والركود. إحدى العلامات الخطيرة التي يجب الانتباه إليها هي عندما تشعر بأن وظيفتك الحالية لا تستخدم أفضل مهاراتك، أو الأسوأ من ذلك، أنها تمنعك من تطوير مهارات جديدة. قد تكون قد اكتسبت خبرات وقدرات قيمة على مر السنين، ولكن دورك الحالي يقتصر على مهام روتينية وبسيطة لا تتطلب هذا المستوى من الكفاءة. هذا لا يجعلك تشعر بالملل فحسب، بل يجعلك تشعر أيضاً بأن قدراتك الحقيقية مهدرة. إنه مثل امتلاك سيارة سباق واستخدامها فقط للذهاب إلى متجر البقالة القريب. مع مرور الوقت، هذا الشعور بالإمكانات المهدرة يمكن أن يؤثر سلباً على ثقتك بنفسك ويجعلك تشك في قيمة مهاراتك.

الخطر الأكبر هنا هو “التقادم المهني”. إذا كانت شركتك لا تزال تستخدم تقنيات قديمة، أو تتبع عمليات عفا عليها الزمن، ولا تبدي أي اهتمام بالابتكار أو مواكبة السوق، فأنت في خطر حقيقي. كل يوم تقضيه في هذه البيئة، تبتعد أكثر عن المهارات والمعارف التي يطلبها سوق العمل الحديث. عندما تقرر في النهاية البحث عن وظيفة جديدة، ستجد أن الفجوة بين ما تعرفه وما يطلبه أصحاب العمل قد اتسعت بشكل كبير، مما يجعل منافستك صعبة. الوظيفة الجيدة يجب أن تكون بمثابة صالة ألعاب رياضية لعقلك، حيث تقوم بتمرين “عضلاتك” المهنية باستمرار وتكتسب قوة جديدة. إذا كانت وظيفتك أشبه بأريكة مريحة جداً لا تتحرك منها، فاعلم أن هذه الراحة هي راحة زائفة وخطيرة. ابحث عن الفرص في الشركات التي تستثمر في التكنولوجيا والتدريب، حتى لو كان ذلك يعني الانتقال إلى سوق أكثر تنافسية مثل سوق وظائف شاغرة في البصرة، لأن هذا استثمار مباشر في مستقبلك وقابليتك للتوظيف على المدى الطويل.

انعدام الأمان الوظيفي ومستقبل الشركة الغامض

قد تحب وظيفتك، وزملائك، ومديرك، ولكن إذا كانت الشركة نفسها تقف على أرض مهتزة، فإنك تبني قلعتك المهنية على الرمال. انعدام الأمان الوظيفي هو مصدر هائل للتوتر ويمكن أن يكون علامة واضحة على أن الوقت قد حان للبحث عن سفينة أكثر استقراراً. ما هي مؤشرات عدم استقرار الشركة؟ “التسريح المتكرر للموظفين” هو العلامة الأكثر وضوحاً. إذا كانت الشركة تقوم بتسريح دفعات من الموظفين كل بضعة أشهر، فهذا يدل على وجود مشاكل مالية أو إدارية عميقة. “معدل دوران الموظفين المرتفع” (High Turnover Rate) هو مؤشر آخر، خاصة إذا رأيت أن الموظفين الجيدين والموهوبين يغادرون الشركة باستمرار. هؤلاء الأشخاص غالباً ما يكونون أول من يشعر بأن السفينة تغرق. “التأخير في دفع الرواتب” أو “تجميد الزيادات والترقيات” هي أعلام حمراء مالية لا يمكن تجاهلها.

بالإضافة إلى ذلك، انتبه إلى “غموض رؤية الشركة”. إذا كانت الإدارة العليا لا تستطيع تقديم إجابات واضحة حول استراتيجية الشركة المستقبلية، أو إذا كانت الخطط تتغير بشكل جذري كل فترة قصيرة، فهذا يدل على انعدام القيادة والرؤية. “الشائعات المستمرة” حول الاندماج أو الاستحواذ أو الإفلاس هي أيضاً مؤشرات يجب أن تأخذها بجدية. في مثل هذه الحالات، فإن البقاء بدافع الولاء قد لا يكون القرار الأكثر حكمة. من الأفضل أن تكون استباقياً وتبدأ في البحث عن فرص جديدة بهدوء بينما لا تزال لديك وظيفة. الانتظار حتى يتم تسريحك يعني أنك ستدخل سوق العمل في نفس الوقت مع العديد من زملائك السابقين، مما يزيد من المنافسة ويضعف موقفك التفاوضي. إن حماية مستقبلك المهني هي مسؤوليتك الأولى، وأحياناً تكون أفضل طريقة للقيام بذلك هي مغادرة السفينة قبل أن تغرق تماماً.

ظهور فرصة أفضل لا يمكنك رفضها

أحياناً، لا يكون قرار ترك الوظيفة نابعاً من مشكلة في وظيفتك الحالية. قد تكون سعيداً وراضياً نسبياً، وعلاقتك جيدة مع مديرك وزملائك، وتشعر بالاستقرار. ولكن فجأة، تظهر فرصة جديدة لم تكن في الحسبان، فرصة تبدو وكأنها مصممة خصيصاً لك. قد تكون هذه الفرصة في شكل عرض مباشر من مسؤول توظيف، أو ترشيح من صديق، أو إعلان وظيفة رأيته بالصدفة ويتوافق تماماً مع شغفك وأهدافك طويلة الأمد. هذه الفرصة قد تقدم راتباً أعلى بكثير، أو مسؤوليات أكبر، أو فرصة للعمل على مشروع مبتكر تحلم به، أو توازناً أفضل بين العمل والحياة. في هذه الحالة، فإن قرار المغادرة لا يتعلق بالهروب من شيء سيء، بل بالتحرك نحو شيء أفضل بكثير.

إن التمسك بوظيفتك الحالية فقط بسبب شعورك بالراحة أو الولاء قد يعني أنك تضحي بفرصة نادرة للنمو والتقدم بشكل كبير. من الطبيعي أن تشعر ببعض الذنب أو التردد في ترك فريق ومدير جيدين، ولكن في النهاية، مسيرتك المهنية هي مسؤوليتك أنت. يجب أن تسأل نفسك: “إذا لم أقبل بهذه الفرصة الجديدة، هل سأندم على ذلك بعد خمس سنوات؟”. إذا كانت الإجابة هي “نعم”، فهذه علامة قوية على أنه يجب عليك اغتنامها. قم بتقييم الفرصة الجديدة بموضوعية. تأكد من أنها حقيقية وأن الشركة الجديدة لديها ثقافة عمل جيدة. يمكنك الاستفادة من دليلنا حول كيف أتأكد أن الوظيفة المناسبة لي؟ لمساعدتك في هذا التقييم. إذا كانت كل المؤشرات إيجابية، فلا تدع الخوف من التغيير يمنعك من اتخاذ قفزة محسوبة نحو مستقبل مهني أكثر إشراقاً. أحياناً، أفضل القرارات في حياتنا هي تلك التي تدفعنا خارج منطقة راحتنا.

اترك تعليقا