إن التعامل مع الزملاء السلبيين هو أحد أكثر التحديات شيوعاً وإرهاقاً في أي بيئة عمل. هؤلاء الأفراد، سواء كانوا يفعلون ذلك بقصد أو بغير قصد، يمكن أن يستنزفوا طاقتك، ويقللوا من حماسك، ويؤثروا على إنتاجيتك، وفي الحالات القصوى، قد يجعلونك تشك في قرارك بالبقاء في وظيفتك. إذا كنت تواجه هذا التحدي، فاعلم أنك لست وحدك، والأهم من ذلك، أن هناك استراتيجيات فعالة وذكية للتعامل مع هذا الوضع. هذا الدليل الشامل من هون جاب لن يعلمك فقط كيفية التعامل مع الزملاء السلبيين في العمل، بل سيزودك بالأدوات اللازمة لحماية مساحتك النفسية، والحفاظ على إيجابيتك، ومواصلة طريقك نحو النجاح المهني دون أن تدع سلبية الآخرين تعرقل مسيرتك.
الخطوة الأولى تحديد أنواع السلبية في مكان العمل
قبل أن تتمكن من التعامل مع السلبية، يجب أن تفهم مصدرها وأشكالها المختلفة. السلبية ليست كلها من نوع واحد؛ فزميلك الذي يمر بيوم سيء ويشكو قليلاً يختلف تماماً عن الشخص الذي يعتبر السلبية أسلوب حياة. أول نوع وأكثره شيوعاً هو “الشاكي المزمن”. هذا الشخص يجد خطأ في كل شيء: في الإدارة، في المشاريع الجديدة، في الطقس، وحتى في نوع القهوة المقدمة. شكواه المستمرة يمكن أن تكون معدية وتخلق جواً من الإحباط في الفريق. النوع الثاني هو “النمّام”. هذا الشخص يزدهر على نشر الشائعات والأقاويل عن الزملاء الآخرين والإدارة. هدفه غالباً ما يكون خلق الدراما وزعزعة الثقة بين أعضاء الفريق. الانجرار وراء حديثه لا يجعلك فقط جزءاً من بيئة سامة، بل قد يضعك في مشاكل حقيقية. النوع الثالث هو “الناقد الهدّام” أو “المتشائم”. هذا الشخص يقابل كل فكرة جديدة أو مشروع مقترح بسيل من الانتقادات والاعتراضات، مركزاً دائماً على سبب فشل الفكرة بدلاً من كيفية إنجاحها. على الرغم من أن النقد البناء مهم، إلا أن المتشائم يقتل الإبداع والدافعية.
هناك أيضاً “الضحية”، وهو الشخص الذي يشعر دائماً بأن العالم يستهدفه، وأن الجميع ضده، وأنه يتحمل أعباءً أكثر من غيره، ولا يحصل على التقدير الكافي. هذا النوع يستنزف طاقتك العاطفية من خلال طلب التعاطف المستمر دون أن يقوم بأي خطوة لتحسين وضعه. وأخيراً، هناك “السلبي العدواني” (Passive-Aggressive)، وهو من أصعب الأنواع تعاملاً. هذا الشخص لا يعبر عن استيائه بشكل مباشر، بل من خلال الملاحظات الساخرة، أو المماطلة في إنجاز المهام، أو “نسيان” تمرير معلومات مهمة لك. إن تحديد نوع الزميل السلبي الذي تتعامل معه هو الخطوة الأولى لاختيار الاستراتيجية المناسبة. كل نوع يتطلب نهجاً مختلفاً، وفهمك لدوافعه (سواء كانت الحاجة إلى الاهتمام، أو انعدام الأمان، أو مجرد عادة سيئة) سيساعدك على التعامل مع الموقف بذكاء بدلاً من رد الفعل العاطفي. هذا الوعي بالديناميكيات البشرية هو جزء أساسي من النجاح في أي بيئة عمل، من بيئات الشركات الناشئة في وظائف في أربيل إلى المؤسسات الكبرى.
فن وضع الحدود كيف تحمي مساحتك النفسية
إن أهم وأول خط دفاع لك ضد سلبية الزملاء هو قدرتك على وضع “حدود” واضحة وحازمة. الحدود ليست جدراناً لعزل نفسك، بل هي درع لحماية طاقتك وتركيزك. أول هذه الحدود هو “الحد الزمني”. عندما يبدأ زميلك الشاكي في سرد قائمة مظالمه اليومية، لا تسمح له باحتكار وقتك. يمكنك أن تستمع بتعاطف لمدة دقيقة أو دقيقتين، ثم تعتذر بلباقة وتعود إلى عملك. يمكنك أن تقول شيئاً مثل: “يبدو أنك تمر بوقت صعب، أتمنى أن تتحسن الأمور. الآن، اسمح لي، يجب أن أعود لإنجاز هذا التقرير قبل الموعد النهائي”. هذا يرسل رسالة واضحة بأن وقتك ثمين وأنك لست متاحاً لجلسات شكوى لا نهاية لها. يمكنك أيضاً استخدام حدود جسدية بسيطة، مثل وضع سماعات الرأس (حتى لو لم تكن تستمع إلى شيء)، كإشارة على أنك في “وضع التركيز” ولا ترغب في أن تتم مقاطعتك.
الحد الثاني هو “الحد العاطفي”. من المهم جداً ألا تأخذ سلبية الآخرين على محمل شخصي. في معظم الأحيان، سلوكهم هو انعكاس لمشاكلهم الخاصة وانعدام أمانهم، ولا علاقة له بك. لا تدع تشاؤمهم يقلل من حماسك لفكرة جديدة، ولا تدع نقدهم الهدام يجعلك تشك في قدراتك. ذكر نفسك باستمرار بأنك مسؤول فقط عن أفعالك ومشاعرك، ولست مسؤولاً عن سعادة أو بؤس زملائك. يمكنك أن تكون متعاطفاً دون أن تمتص سلبيتهم. هناك تقنية نفسية بسيطة تسمى “التصور”، حيث تتخيل أن هناك درعاً زجاجياً شفافاً يحيط بك ويمنع الطاقة السلبية من الوصول إليك. قد يبدو الأمر سخيفاً، ولكنه يمكن أن يكون فعالاً في الحفاظ على هدوئك الداخلي. إن وضع هذه الحدود ليس أنانية، بل هو ضرورة للحفاظ على صحتك النفسية وإنتاجيتك، وهو ما يسمح لك بالتركيز على أهدافك الأكبر، مثل الاستعداد للمطالبة بحقوقك المهنية، وهو موضوع ناقشناه بالتفصيل في مقالنا الأخير أفضل الطرق لطلب زيادة في الراتب من مديرك.
استراتيجيات التواصل الفعال تجنب الوقوع في الفخ
الطريقة التي تتواصل بها مع الزملاء السلبيين يمكن أن تزيد من حدة الموقف أو تنزع فتيله. القاعدة الذهبية هي “لا تشارك في السلبية”. عندما يبدأ زميلك في النميمة أو الشكوى، فإن أسوأ ما يمكنك فعله هو الموافقة عليه أو إضافة شكوى من عندك. هذا يجعلك جزءاً من المشكلة ويشجعه على الاستمرار. بدلاً من ذلك، استخدم تقنيات “إعادة التوجيه” أو “الحياد”. إذا بدأ أحدهم بالنميمة عن زميل آخر، يمكنك ببساطة أن تغير الموضوع بقول: “لم أسمع بذلك. على سيرة [اسم الزميل الآخر]، هل تعلم ما هي آخر تطورات مشروعنا المشترك؟”. أو يمكنك أن تكون محايداً وغير ملتزم بقول: “أنا أفضل عدم الخوض في هذه الأمور والتركيز على عملي”. هذه الاستجابات ترسل رسالة واضحة بأنك لست مهتماً بهذا النوع من المحادثات دون أن تكون عدائياً.
إذا كان الزميل السلبي ينتقد فكرة قدمتها، فلا تتخذ موقفاً دفاعياً. استمع إلى نقده، وحاول أن تجد أي بذرة للحقيقة فيه (إن وجدت)، ثم أعد توجيه المحادثة نحو الحلول. يمكنك أن تقول: “أنا أقدر وجهة نظرك. أنت تثير نقطة مثيرة للاهتمام حول [اذكر نقطة النقد]. ما هي اقتراحاتك للتغلب على هذا التحدي؟”. هذا يحول طاقته النقدية إلى طاقة لحل المشكلات، وغالباً ما يفاجئه لأنه غير معتاد على أن يُطلب منه المساهمة بشكل بناء. استخدم “عبارات الأنا” (I-statements) عند الحاجة للتعبير عن مشاعرك دون اتهام. بدلاً من أن تقول “أنت دائماً تقاطعني في الاجتماعات”، قل “أنا أشعر بالإحباط عندما لا أتمكن من إكمال فكرتي”. هذه الطريقة أقل اتهاماً وأكثر فعالية في بدء حوار بناء. إن إتقان هذه الأساليب التواصلية هو جزء لا يتجزأ من الاحترافية التي يتطلبها سوق العمل، سواء كنت تعمل في وظائف في النجف أو في أي مكان آخر.
ركز على الإيجابية وكُن أنت مصدرها
أحياناً، أفضل طريقة لمحاربة الظلام هي بإشعال شمعة. بدلاً من أن تسمح لسلبية زملائك بأن تسيطر على الأجواء، كن أنت مصدراً للإيجابية بشكل متعمد. هذا لا يعني أن تكون سعيداً بشكل مصطنع أو أن تتجاهل المشاكل الحقيقية، بل يعني أن تختار التركيز على الجوانب الإيجابية والحلول الممكنة. ابدأ بنفسك. ابدأ يومك بعقلية إيجابية. ذكر نفسك بأهدافك وبسبب وجودك في هذه الوظيفة. احتفل بإنجازاتك الصغيرة. عندما تحقق نجاحاً، شاركه مع فريقك. كن أول من يقول “عمل رائع!” لزميل آخر أنجز مهمة بشكل جيد. هذا التقدير الصادق يمكن أن يكون له تأثير كبير على معنويات الفريق ويخلق جواً من الدعم المتبادل. ابحث بنشاط عن الجانب المشرق في المواقف الصعبة. بدلاً من التركيز على المشكلة، ركز على فرصة التعلم التي تقدمها.
عندما تتحدث، حاول استخدام لغة إيجابية وبناءة. بدلاً من قول “هذا لن ينجح”، قل “هذا تحدٍ كبير، دعنا نفكر في كيفية التغلب عليه”. إن تغيير بسيط في الكلمات يمكن أن يغير منظور الفريق بأكمله. حاول أيضاً بناء “تحالفات إيجابية”. ابحث عن الزملاء الآخرين الذين يشاركونك نفس العقلية الإيجابية والمهنية. اقضِ وقتك معهم، وتناول الغداء معهم، وتعاون معهم في المشاريع. وجود مجموعة داعمة من الأشخاص الإيجابيين حولك يمكن أن يخلق فقاعة واقية ضد السلبية العامة ويجعلك تشعر بأنك لست وحدك. إن كونك مصدراً للإيجابية لا يفيد فقط بيئة العمل، بل يفيدك أنت أيضاً. إنه يعزز من مرونتك النفسية، ويجعلك قائداً غير رسمي بالفطرة، ويجعل العمل تجربة أكثر إمتاعاً.
متى وكيف تصعّد المشكلة إلى الإدارة
في معظم الحالات، يمكنك التعامل مع سلبية الزملاء من خلال الاستراتيجيات الشخصية التي ناقشناها. ولكن هناك حالات يكون فيها سلوك الزميل يتجاوز مجرد “السلبية” ليصل إلى مرحلة “السلوك السام” أو “المضايقة” التي تؤثر بشكل مباشر على قدرتك على أداء عملك أو تهدد بيئة العمل الآمنة. في هذه الحالات، قد يكون من الضروري تصعيد المشكلة إلى مديرك المباشر أو قسم الموارد البشرية. لكن هذه الخطوة يجب أن تتم بحذر وبعد استنفاد الخيارات الأخرى. قبل أن تذهب إلى مديرك، تأكد من أن لديك “أدلة موثقة”. لا تعتمد على مشاعرك أو انطباعاتك العامة. قم بإنشاء سجل خاص بك، دون فيه التواريخ، والأوقات، والمواقف المحددة، وما قيل أو فُعل بالضبط، ومن كان شاهداً على الموقف. كن موضوعياً وركز على “السلوك” وليس على “شخصية” الزميل. على سبيل المثال، بدلاً من قول “زميلي كسول وسلبي”، قل “في يوم [التاريخ]، تأخر زميلي في تسليم الجزء الخاص به من المشروع لمدة ثلاثة أيام، مما أدى إلى تأخير تسليم المشروع للعميل”. هذا النهج المبني على الحقائق يمنحك مصداقية ويجعل من السهل على الإدارة اتخاذ إجراء.
عندما تتحدث مع مديرك، اطلب اجتماعاً خاصاً، وحافظ على هدوئك واحترافيتك. اشرح الموقف بوضوح وموضوعية، وقدم الأدلة التي جمعتها. الأهم من ذلك، ركز على “تأثير” هذا السلوك على “العمل” وعلى “إنتاجية الفريق”. قل: “أنا أواجه تحدياً يتعلق بسلوك زميلي [الاسم]، وهذا السلوك بدأ يؤثر على قدرتي على إنجاز مهامي وعلى معنويات الفريق. على سبيل المثال…”. تجنب أن تبدو وكأنك تشتكي أو تثير المشاكل. بدلاً من ذلك، قدم نفسك كشخص يبحث عن حل لمشكلة تؤثر على مصلحة العمل. يمكنك حتى أن تقترح بعض الحلول، مثل “هل من الممكن توضيح الأدوار والمسؤوليات بشكل أفضل في المشروع القادم لتجنب هذا التداخل؟”. إن تصعيد المشكلة يجب أن يكون هو الملاذ الأخير، ولكن إذا كان ضرورياً، فإن القيام به بطريقة احترافية وموثقة هو أفضل طريقة لضمان أن يتم أخذك على محمل الجد وتحقيق نتيجة إيجابية.
الاحتفاظ بوجهة نظرك وعدم السماح لهم بالانتصار
في خضم معركتك اليومية مع السلبية، من السهل جداً أن تفقد وجهة نظرك وتبدأ في التفكير في أن المشكلة تكمن فيك أنت، أو أن بيئة العمل هذه هي كل ما تستحقه. هذا هو الخطر الأكبر، وهذه هي اللحظة التي “ينتصر” فيها الزملاء السلبيون، ليس لأنهم على حق، بل لأنهم نجحوا في سحبك إلى مستوى تفكيرهم. من الضروري أن تذكر نفسك باستمرار بأهدافك المهنية، وبقيمتك، وبأن هذه الوظيفة هي مجرد محطة في مسيرتك المهنية وليست هي هويتك بأكملها. لا تدع سلوك شخص واحد يجعلك تنسى كل الجوانب الإيجابية في عملك أو في حياتك. احتفظ بقائمة من إنجازاتك ونجاحاتك، وارجع إليها كلما شعرت بالإحباط. هذا يعزز ثقتك بنفسك ويذكرك بقدراتك الحقيقية.
استمر في التركيز على دائرة تأثيرك. لا يمكنك تغيير شخصية زميلك السلبي، ولكن يمكنك التحكم في رد فعلك، وفي جودة عملك، وفي علاقاتك مع الزملاء الإيجابيين. استثمر طاقتك في هذه الجوانب التي يمكنك التحكم فيها، بدلاً من إهدارها في محاولة إصلاح ما لا يمكن إصلاحه. تذكر دائماً أن لديك خيارات. إذا وصلت إلى مرحلة تشعر فيها بأن البيئة أصبحت سامة لدرجة لا تطاق، وأنها بدأت تؤثر بشكل جدي على صحتك، فإن البحث عن فرصة جديدة هو خيار مشروع وقوي. إن معرفة أن هناك فرصاً أخرى متاحة، مثل التي تجدها عند البحث عن وظائف في بغداد أو غيرها من المدن، يمكن أن يمنحك القوة النفسية لتحمل الوضع الحالي أثناء التخطيط لخطوتك التالية. لا تسمح لسلبية الآخرين بأن تحدد سقف طموحاتك أو سعادتك.
بناء المرونة النفسية كمهارة مهنية أساسية
إن التعامل مع الزملاء السلبيين، على الرغم من صعوبته، يقدم لك فرصة فريدة لتطوير واحدة من أهم المهارات المهنية في القرن الحادي والعشرين وهي “المرونة النفسية” (Resilience). المرونة النفسية هي قدرتك على التعامل مع الشدائد والنكسات والنهوض منها بشكل أقوى. إنها ليست صفة تولد بها، بل هي عضلة يمكنك تمرينها وتقويتها. كل مرة تنجح فيها في وضع حدود، أو تحافظ على هدوئك في وجه الاستفزاز، أو تركز على الإيجابية بالرغم من الأجواء السلبية، فإنك تبني هذه العضلة. انظر إلى هذه التحديات اليومية على أنها تمارين مجانية لتطوير مرونتك. ابدأ بممارسة “الوعي الذاتي”. لاحظ كيف يؤثر سلوك زميلك عليك جسدياً وعاطفياً. بمجرد أن تعي ردود أفعالك، يمكنك البدء في التحكم فيها بشكل أفضل.
مارس تقنيات “إعادة الصياغة الإدراكية” (Cognitive Reframing). عندما تواجه موقفاً سلبياً، حاول أن تنظر إليه من زاوية مختلفة. بدلاً من التفكير “زميلي يحاول تدمير يومي”، فكر “زميلي يمر بوقت عصيب وهذا انعكاس لمشاكله وليس لي”. هذا يقلل من حدة التأثير العاطفي عليك. استثمر في أنشطة تساعد على تقليل التوتر خارج العمل، مثل الرياضة، أو التأمل، أو قضاء الوقت في الطبيعة. هذه الأنشطة تبني احتياطياً من الطاقة الإيجابية يمكنك السحب منه خلال الأيام الصعبة في العمل. إن بناء المرونة النفسية لا يساعدك فقط على النجاة من بيئة العمل الحالية، بل يجعلك أيضاً موظفاً وقائداً أفضل في المستقبل. ستكون قادراً على التعامل مع الأزمات بهدوء أكبر، وإدارة الفرق الصعبة بفعالية، والحفاظ على رؤيتك الإيجابية في وجه التحديات.
عندما يكون الحل الوحيد هو المغادرة
لقد حاولت كل شيء. وضعت الحدود، وتواصلت بفعالية، وركزت على الإيجابية، وصعدت الأمر إلى الإدارة، ولكن لم يتغير شيء. في بعض الأحيان، تكون الثقافة السلبية متجذرة في الشركة لدرجة أنه لا يمكن إصلاحها، وفي هذه الحالة، فإن الحل الأكثر صحة وشجاعة هو “المغادرة”. إن قرار ترك الوظيفة بسبب بيئة العمل السامة ليس علامة فشل، بل هو أسمى أشكال الرعاية الذاتية والوعي المهني. إنه اعتراف منك بأنك تقدر صحتك النفسية ورفاهيتك فوق أي راتب أو منصب. إذا وصلت إلى هذه النقطة، فابدأ في التخطيط لرحيلك بشكل استراتيجي. لا تقدم استقالتك بشكل متسرع دون وجود خطة بديلة. ابدأ بتحديث سيرتك الذاتية وتفعيل بحثك عن عمل بهدوء. ركز على إيجاد شركة تتمتع بثقافة عمل إيجابية وداعمة. خلال المقابلات القادمة، يمكنك طرح أسئلة ذكية لتقييم ثقافة الشركة، مثل “كيف تصفون بيئة العمل هنا؟” أو “كيف يتعامل الفريق مع النزاعات أو الاختلاف في وجهات النظر؟”.
إن تجربتك مع الزملاء السلبيين قد علمتك بالضبط ما الذي لا تريده في وظيفتك التالية، وهذه معرفة ثمينة جداً. استخدمها كفلتر لتنقية خياراتك. لا تخف من أن تأخذ وقتك في البحث عن المكان المناسب. إن وجودك في وظيفة تكرهها يمكن أن يكون دافعاً قوياً جداً لإيجاد فرصة أفضل بكثير. تذكر العلامات التي ناقشناها في مقالنا الأخير علامات تدل على أن الوقت قد حان لترك وظيفتك. إذا كانت معظم هذه العلامات تنطبق عليك، وخصوصاً تلك المتعلقة بالبيئة السامة، فثق بحدسك واتخذ الخطوة اللازمة لحماية مستقبلك. إن مغادرة بيئة سامة هي قفزة نحو بيئة صحية تتيح لك أن تزدهر وتتألق وتكون أفضل نسخة من نفسك.
تحويل التجربة السلبية إلى درس للمستقبل
كل تجربة في الحياة، حتى السلبية منها، تحمل في طياتها درساً قيماً إذا كنا منفتحين لتعلمه. إن تجربتك في التعامل مع زميل سلبي يمكن أن تكون واحدة من أهم الدروس في مسيرتك المهنية. لقد علمتك هذه التجربة أهمية وضع الحدود، وقوة التواصل الحازم، وقيمة المرونة النفسية. لقد علمتك كيف تحدد بيئة العمل السامة بسرعة، وهي مهارة ستحميك في المستقبل. والأهم من ذلك، لقد علمتك ما هي “قيمك غير القابلة للتفاوض” في بيئة العمل. أنت الآن تعرف أنك لا تستطيع الازدهار في بيئة تفتقر إلى الاحترام، أو الثقة، أو العمل الجماعي. هذه المعرفة ستكون بوصلتك عند تقييم أي فرصة عمل مستقبلية. ستجعلك أكثر حكمة في اختيار معاركك، وأكثر قدرة على بناء علاقات مهنية صحية.
عندما تجد نفسك في وظيفتك الجديدة، استخدم هذه الدروس لتكون أنت الزميل الإيجابي والداعم الذي كنت تتمنى وجوده. كن الشخص الذي يستمع، ويشجع، ويركز على الحلول، ويحتفل بنجاح الآخرين. كن منتبهاً لديناميكيات الفريق، وساهم بفعالية في خلق ثقافة عمل إيجابية. يمكنك أن تحول تجربتك الصعبة إلى مصدر قوة وإلهام للآخرين. تذكر، الاحترافية لا تعني فقط إنجاز عملك بشكل جيد، بل تعني أيضاً المساهمة في جعل مكان العمل مكاناً أفضل للجميع. وهذه هي السمة التي تميز القادة الحقيقيين، وهي ما سيضمن لك مسيرة مهنية ناجحة ومُرضية على المدى الطويل.
هون جاب معك في كل خطوة
في هون جاب، نحن ندرك أن التحديات المهنية تتجاوز مجرد البحث عن وظيفة. إنها تشمل أيضاً التنقل في الديناميكيات المعقدة لبيئة العمل اليومية. مهمتنا ليست فقط أن نساعدك في العثور على فرصة عمل في فرص عمل في الموصل أو أي مدينة عراقية أخرى، بل أن نزودك بالمعرفة والأدوات اللازمة للنجاح والازدهار في هذه الفرصة. إن تعلم كيفية التعامل مع الزملاء السلبيين في العمل هو مهارة حياتية أساسية ستحميك وتعزز من مسيرتك المهنية. نأمل أن يكون هذا الدليل قد أمدك بالاستراتيجيات والثقة التي تحتاجها لمواجهة هذا التحدي. تذكر دائماً أنك تمتلك القدرة على التحكم في ردود أفعالك، وحماية طاقتك، واختيار البيئة التي تسمح لك بالنمو. لا تدع سلبية شخص واحد تحدد مسار يومك أو مسيرتك المه-نية. كن قوياً، كن محترفاً، وركز على هدفك، واعلم أننا هنا لدعمك في كل خطوة على الطريق.