في الوقت الحالي، أصبح سوق العمل في العراق أكثر تنافسية من أي وقت مضى. فمع التحولات الاقتصادية والانفتاح التدريجي على التكنولوجيا، لم يعد الاكتفاء بالشهادة الجامعية كافيًا للحصول على فرصة عمل مستقرة وجيدة. أصحاب العمل الآن يبحثون عن موظفين يمتلكون مهارات عملية يمكن توظيفها مباشرة في البيئة المهنية، دون الحاجة إلى تدريب طويل أو إعادة تأهيل. لذلك، فإن فهم المهارات التي يطلبها السوق يُعتبر الخطوة الأولى في بناء مسيرة مهنية ناجحة.
لنأخذ مثالاً من مدينة بغداد، حيث تنتشر “فرص عمل في بغداد” ضمن مجالات مثل التسويق الرقمي، وخدمة العملاء، وإدارة الأعمال. في هذه المجالات، يُتوقع من المتقدمين أن يمتلكوا مهارات في برامج الحاسوب، التواصل الفعّال، وحل المشكلات. بينما في مدن مثل البصرة أو كركوك، تتركز الوظائف في مجالات الطاقة والنفط، مما يعني الحاجة إلى مهارات تقنية مثل تشغيل الآلات، وإدارة السلامة، وفهم المصطلحات الهندسية. إذًا، لا توجد مهارة واحدة تصلح لكل المجالات، بل من الضروري دراسة السوق المحلي جيدًا وتحديد المهارات الأكثر طلبًا فيه.
أهمية التدريب المستمر لتطوير الذات
أحد الأخطاء التي يقع فيها كثير من الشباب العراقي هو الاعتقاد بأن المهارات المهنية تُكتسب فقط من خلال الدراسة الجامعية. في الواقع، المهارات تتطوّر من خلال التجربة والممارسة والتدريب المستمر. لذلك، فإن الانخراط في الدورات التدريبية سواء أكانت عبر الإنترنت أو في معاهد محلية، أصبح شرطًا للنجاح الوظيفي في هذا العصر.
في مدن مثل النجف أو أربيل، بدأت تظهر فرص تدريبية مجانية أو مدعومة من مؤسسات دولية ومحلية، تُعنى بتعليم مهارات البرمجة، المحاسبة، إدارة الوقت، وحتى كتابة السيرة الذاتية. كثير من الشركات التي تعرض وظائف على منصة “هون جاب” تُفضل المتقدمين الذين شاركوا في مثل هذه البرامج، لأنهم غالبًا ما يكونون أكثر جاهزية للميدان. إذا كنت تتطلع للعمل في التسويق، فإن التدريب على أدوات مثل Google Ads أو Facebook Business Suite سيُحدث فرقًا كبيرًا في سيرتك الذاتية.
المهارات التقنية مقابل المهارات الناعمة
عندما نتحدث عن المهارات المطلوبة، من المهم التمييز بين المهارات التقنية (hard skills) والمهارات الناعمة (soft skills). المهارات التقنية هي التي تتعلق باستخدام أدوات محددة أو أداء مهام تتطلب معرفة خاصة، مثل المحاسبة، تحليل البيانات، أو استخدام برامج التصميم. أما المهارات الناعمة فتشمل جوانب مثل إدارة الوقت، العمل الجماعي، حل المشكلات، والقيادة.
في سوق العمل العراقي، خاصة في المدن الكبيرة مثل بغداد والبصرة، تطالب الشركات بالاثنين معًا. على سبيل المثال، في “فرص عمل في بغداد” في قطاع الاتصالات، قد تطلب الشركة خبرة باستخدام برنامج Excel (مهارة تقنية) بالإضافة إلى القدرة على التواصل مع العملاء بطريقة لبقة (مهارة ناعمة). أما في الموصل أو كربلاء، حيث تنتشر الوظائف في المجالين التعليمي والخدمي، فإن التركيز أكبر على المهارات الناعمة مثل الصبر، التحفيز، والقدرة على العمل مع فئات متنوعة من الناس.
التمييز بين هذين النوعين من المهارات، والعمل على تطوير كل منهما، سيجعلك مرشحًا مثاليًا للعديد من الفرص الوظيفية. لذلك، من المفيد تخصيص وقت لتعلّم مهارات تقنية مطلوبة في مجالك، وأيضًا حضور ورشات العمل التي تطور ذكاءك العاطفي وطريقة تواصلك مع الآخرين.
الاستفادة من منصات التعلّم عبر الإنترنت
الفرص التعليمية لم تعد حكرًا على الجامعات أو المعاهد، بل أصبحت في متناول الجميع عبر الإنترنت. منصات مثل Coursera، Udemy، وLinkedIn Learning تقدم دورات تدريبية في جميع التخصصات، من إدارة المشاريع وحتى تطوير الذات. الجميل في الأمر أن كثيرًا من هذه الدورات متاحة باللغة العربية أو مترجمة.
في العراق، ومع ضعف بعض البنى التحتية التعليمية في بعض المناطق، أصبح التعلّم عن بُعد خيارًا ممتازًا. شاب من العمارة مثلًا، قد لا يتمكن من حضور دورة في بغداد، لكنه يستطيع بسهولة أن يُسجّل في دورة برمجة أو تصميم غرافيك ويطور مهاراته من منزله. هذا النوع من التعلّم يعطيك ميزة كبيرة عند التقديم إلى وظائف عبر “هون جاب”، لأنه يُظهر رغبتك في التطور الذاتي واستغلال الفرص المتاحة.
بعض هذه المنصات تقدم شهادات معترف بها عالميًا، يمكن إرفاقها في السيرة الذاتية أو الحساب الشخصي على منصات التوظيف. لذا، لا تتردد في تخصيص وقت يومي لتعلم شيء جديد، ولو كان فقط 30 دقيقة في اليوم.
التعلّم من التجربة العملية في الوظائف السابقة
واحدة من أفضل الطرق لتطوير المهارات المهنية هي التعلّم من العمل نفسه. كل وظيفة تؤديها – مهما كانت بسيطة أو مؤقتة – تُعطيك دروسًا قيّمة يمكن أن تنقلها معك إلى مكان عملك القادم. هذه التجارب قد تشمل التعرف على بيئة العمل، فهم طبيعة العلاقات بين الزملاء، والتعامل مع العملاء أو الضغط.
في أماكن مثل سوق العمل في السليمانية أو دهوك، يعمل كثير من الشباب في بداية مسيرتهم في وظائف مؤقتة مثل خدمة الزبائن، التوصيل، أو العمل في المتاجر. على الرغم من أن هذه الوظائف لا تتطلب شهادات أكاديمية، إلا أنها تُعطي فرصة كبيرة لتعلم مهارات التواصل، الالتزام بالمواعيد، وتحمل المسؤولية. ومن المفيد جدًا أن تذكر هذه الخبرات في سيرتك الذاتية عند التقديم عبر منصات مثل “هون جاب”، لأنها تدل على الجدية والانخراط الفعلي في سوق العمل.
أكثر ما يُميز الخبرات العملية هو أنها واقعية ومُعاشة. فالشخص الذي تعلم كيف يتعامل مع عميل غاضب، أو كيف يُدير وقته خلال ورديات متعددة، يكون أكثر جاهزية للتعامل مع التحديات في أي وظيفة مستقبلية.
أهمية التغذية الراجعة وتقبل النقد
التغذية الراجعة (feedback) واحدة من أقوى أدوات التطوير المهني، لكنها للأسف لا تُقدّر بما فيه الكفاية. عندما تعمل في فريق أو تحت إشراف مدير، من الطبيعي أن تتلقى ملاحظات حول أدائك. البعض يتعامل مع هذه الملاحظات بحساسية أو رفض، لكن الشخص الناضج مهنيًا هو من يستفيد منها لتطوير نفسه.
إذا كنت تعمل في شركة في بغداد أو تنخرط في “فرص عمل في النجف”، حتمًا ستواجه مواقف يُقدم فيها المدير أو الزملاء ملاحظات حول طريقة عملك أو سلوكك. بدلًا من الدفاع أو الإنكار، خذ هذه الفرصة لتحليل الأمور من زاويتهم، وقيّم أداءك بموضوعية. التغذية الراجعة قد تكون سببًا في تطوير نقطة ضعف كنت تجهلها أو في تحسين سلوك بسيط يُحدث فرقًا في مستقبلك المهني.
من المهم أيضًا أن تطلب الملاحظات بنفسك. لا تنتظر حتى تُقدّم لك بشكل سلبي. اسأل زميلك أو مديرك: “هل هناك شيء يمكنني تحسينه؟”. هذه البادرة تُظهرك كشخص مسؤول وواعٍ، وهي من السمات التي يبحث عنها أصحاب العمل على منصات مثل “هون جاب”.
دور المهارات اللغوية في تعزيز فرص التوظيف
اللغة ليست فقط وسيلة للتواصل، بل هي مهارة مهنية حقيقية يمكن أن تفتح لك أبوابًا جديدة في سوق العمل. في العراق، اللغة العربية طبعًا هي الأساس، لكن امتلاك مهارات إضافية مثل الإنجليزية أو الكردية يمكن أن يُشكّل فارقًا حاسمًا، خصوصًا في المدن متعددة الثقافات مثل أربيل والسليمانية، أو في الوظائف التي تتطلب التعامل مع جهات دولية.
مثلًا، عندما تبحث عن “فرص عمل في البصرة” في الشركات النفطية، قد ترى في الإعلان شرطًا لإجادة اللغة الإنجليزية، نظرًا لتعامل هذه الشركات مع مقاولين أجانب. أو إذا كنت تعمل في شركة تسويق رقمي تستهدف زبائن خارج العراق، ستكون قدرتك على التواصل الكتابي والشفوي بلغة ثانية من أهم عوامل قبولك. لذلك، إن كنت تبحث عن تطوير مهاراتك، فابدأ بتقوية لغتك الأم كتابيًا وشفهيًا، ثم انتقل إلى تعلّم لغة ثانية عبر تطبيقات تعليمية أو دورات تدريبية متاحة عبر الإنترنت.
حتى اللغة العربية، رغم أنها لغتنا الأم، لا بد من تحسين مهارات الكتابة المهنية بها، خاصة في إعداد السيرة الذاتية أو كتابة الإيميلات الرسمية. وهذا أمر تُقدّره الشركات التي تنشر الوظائف عبر “هون جاب”، لأنهم يعتبرون التواصل الواضح أساسًا لأي تعاون ناجح داخل المؤسسة.
بناء خطة شخصية لتطوير المهارات
التطوير المهني لا يتم عشوائيًا، بل يحتاج إلى خطة واضحة ومكتوبة. كثير من الناس يتحدثون عن تطوير أنفسهم لكنهم لا يملكون هدفًا محددًا أو جدولًا زمنيًا لتحقيق ذلك. الخطوة الأولى في بناء هذه الخطة هي تقييم الوضع الحالي: ما هي المهارات التي أمتلكها؟ ما هي المهارات المطلوبة في السوق؟ وأي منها أحتاج إلى تحسينها؟
بعد هذا التقييم، ضع أهدافًا ذكية (SMART): أن تكون محددة، قابلة للقياس، واقعية، ومُحددة بوقت. مثلاً، إذا كنت تطمح للعمل في “فرص عمل في كربلاء” في مجال التعليم، فقد تكتب في خطتك: “أحصل على دورة تدريبية في مهارات التواصل مع الطلاب خلال الثلاثة أشهر القادمة”، أو “أقرأ كتابًا شهريًا في تطوير الذات”.
راقب تقدمك بشكل دوري، ولا بأس إن عدّلت الخطة حسب الظروف أو اكتسبت أولويات جديدة. المهم أن تبقى الخطة حية ومتطورة معك، ولا تكتفي بالتمنيات. وهذا النوع من الالتزام الشخصي هو ما يجذب الشركات التي تبحث عن مرشحين جادين، خصوصًا عبر منصات موثوقة مثل “هون جاب”.